<font face="Traditional Arabic"><span style="font-size: 25px; line-height: normal;"><strong>الشركة في الصلاة </strong></span></font><br><br><font face="Traditional Arabic"><span style="font-size: 25px; line-height: normal;"><strong>مع القديسين<br></strong></span></font><img src="http://www.stmacariusmonastery.org/graphics/sm110904.jpg" alt="" border="0"><br><br> ا<span style="font-size: 21px; line-height: normal;">لكنيسة تصلِّي من أجل كل المؤمنين الذين ماتوا في الإيمان، وتطلب لهم غفران الخطايا. لأنه ليس إنسان بلا خطية، «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (سفر أيوب 14: 5 –الترجمة السبعينية)، «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضلُّ أنفسنا وليس الحق فينا</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">»<br>(1يو 1: <img title="Cool" src="https://2img.net/i/fa/i/smiles/icon_cool.gif" alt="Cool" longdesc="6">. لذلك، فمهما كان الإنسان بارّاً، فإنه حينما ينتقل من هذا<br>العالم، فإن الكنيسة تُشيِّعه بالصلاة من أجله إلى الرب، على نسق صلاة<br>القديس بولس من أجل تلميذه ”أُنيسيفوروس“: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">ليُعْطِهِ الرب أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم (يوم الدينونة</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">)» (2تي 1: 18).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">وفي الوقت نفسه، فإن صوت الكنيسة المشترك يشهد لبرِّ<br>الإنسان المنتقل، إن كان باراً، فإن المؤمنين المسيحيين يتعلَّمون من<br>قدوته الحسنة في حياته، ويضعونه كنموذج للاقتداء به.</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">وحينما يتوفر الإجماع على الاعتراف بقداسة أحد المنتقلين،<br>ويتثبَّت هذا الإجماع بالشهادات الخاصة، مثل استشهاده، أو اعترافه<br>بالإيمان بلا خوف، أو بذل ذاته من أجل خدمة الكنيسة، أو نواله موهبة<br>الشفاء، وعلى الأخص إذا تأكَّدت هذه المواهب بحدوث معجزات بعد موته، نتيجة<br>الصلوات بالتشفُّع به؛ حينئذ تُعلن الكنيسة قداسته بإجراءات خاصة. وكيف لا<br>تُطوِّب الكنيسة مثل هؤلاء، الذين دعاهم الرب نفسه <strong><font color="blue">«أحبَّاء» </font></strong>له: <strong><font color="blue">«أنتم أحبائي... قد سمَّيتُكم أحبَّاء» </font></strong>(يو 15: 15،14)؟ هؤلاء الذين يقبلهم الرب في مساكنه السماوية الأبدية، إيفاءً لوعده الإلهي: <strong><font color="blue">«حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضاً» </font></strong>(يو 14: 3).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">فإذا حدث هذا (تطويب أحد القديسين وإعلان قداسته)، فإن<br>الشركة معه لن تكون بطلب غفران خطاياه، بل تتحوَّل إلى مظاهر أخرى من<br>الشركة معه، مثل: 1. مدح جهاداته التي أكملها في المسيح، لأنه «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">لا يوقِدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة، فيُضيء لجميع الذين في البيت</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">»<br>(مت 5: 15)؛ 2. رفع التوسُّلات إليه أن يُصلِّي من أجلنا من أجل مغفرة<br>خطايانا، ومن أجل تكميل جهادنا وسعينا نحو السماء، وحتى يُعيننا في<br>احتياجاتنا الروحية وأوقات أحزاننا.</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">لقد صار صوت من السماء للقديس يوحنا الرائي: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">اُكتُب: طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن، نعم يقول الروح، لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (رؤ 14: 13).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">كما صلَّى المسيح لأبيه السماوي: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">وأنا قد أعطيتُهم المجد الذي أعطيتني</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (يو 17: 22). كما قال المخلِّص أيضاً: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">مَن يقبل نبيّاً... فأجر نبي يأخذ. ومَن يقبل بارّاً... فأجر بار يأخذ</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (مت 10: 41)، «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">لأن مَن يصنع مشيئة أبي الذي في السموات، هو أخي وأُختي وأُمي</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">»<br>(مت 12: 45). لذلك، فيجب أن نقبل الإنسان البار، لأنه بارٌّ. فإن كان هذا<br>الإنسان البار أخاً للرب، فهو يصير لنا أيضاً أخاً. فالقديسون هم آباؤنا<br>وأُمهاتنا، وإخوتنا وأخواتنا، ومحبتنا لهم نُعبِّر عنها بالشركة معهم في<br>الصلاة.</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">يكتب القديس يوحنا الرسول إلى المسيحيين: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (1يو 1: 3).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">وشركتنا مع الرسل في الكنيسة لا تتوقف، فهي تصعد إليهم في<br>المجال السماوي الذي يحيون فيه. إنَّ قُرب القديسين من عرش الحَمَل،<br>وصلواتهم المرفوعة من أجل الكنيسة على الأرض، سجَّلها القديس يوحنا الرائي<br>اللاهوتي في رؤياه: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">والأربعة<br>والعشرون شيخاً... لهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوَّة بخوراً هي<br>صلوات القديسين... ونظرتُ وسمعتُ صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات<br>والشيوخ، وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» يُسبِّحون الرب (رؤ 5: 11،<img title="Cool" src="https://2img.net/i/fa/i/smiles/icon_cool.gif" alt="Cool" longdesc="6">.</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">إن الشركة في الصلاة مع القديسين هي تحقيق لحقيقة الرباط<br>بين المسيحيين على الأرض والكنيسة السماوية التي يتكلَّم عنها الرسول بولس<br>قائلاً: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">بـل قد أتيتم إلى<br>جبل صهيون، وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية، وإلى ربوات هم محفل<br>ملائكة، وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات، وإلى الله ديَّان الجميع، وإلى<br>أرواح أبرار مُكمَّلين، وإلى وسيط العهد الجديد: يسوع، وإلى دم رشٍّ<br>يتكلَّم أفضل من (دم) هابيل</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (عب 12: 22-24).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><strong><font color="#800080">أمثلة من الكتاب المقدس،عن رؤى القديسين:</font></strong></span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">تذكر الأسفار المقدسة أمثلة عديدة لحقيقة هامة، وهي أن<br>الأبرار حتى وهم ما زالوا عائشين على الأرض، يمكنهم أن يروا ويسمعوا<br>الكثير مما لا يمكن لعامة المؤمنين أن يروه ويسمعوه. ولا شك أن كل هذه<br>المواهب ستكون حاضرة معهم حينما يخلعون هذا الجسد وينتقلون إلى السماء.<br>فقد رأى القديس بطرس الرسول ما في قلب حنانيا الذي اختلس من ثمن الحقل<br>وكذب على القديس بطرس (أع 5: 3). واستُعلِن لأليشع النبي عن العمل البشع<br>الذي أتاه خادمه جيحزي (الملوك الثاني 1: 4).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">والقديسون، حتى وهم ما زالوا على الأرض، يملأ الروح قلوبهم<br>فيطَّلعوا على خفايا العالم العلوي، وبعضهم يرى جوقات الملائكة، وآخرون<br>أُعطوا النعمة لأن يروا صوراً لله (مثل إشعياء النبي وحزقيال النبي)، وآخر<br>صعد إلى السماء الثالثة وسمع كلمات لا يُنطق بها (وهو القديس بولس<br>الرسول). فهؤلاء وأمثالهم حينما ينتقلون إلى السماء يصيرون قادرين على<br>معرفة ما يحدث على الأرض، ويسمعون الذين يتشفَّعون بهم، ذلك لأن القديسين<br>في السماء يصيرون «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">مثل الملائكة</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (لو 20: 36).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">ومن المَثَل الذي سرده الرب عن الغني ولعازر (لو 16:<br>19-31)، نعرف أن إبراهيم وهو في السماء، استطاع أن يسمع صراخ الرجل الغني<br>الذي كان يتألم في الجحيم، بالرغم من ”الهُوَّة العظيمة“ التي تفصل<br>بينهما. وكلمات إبراهيم عن إخوة الرجل الغني «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">عندهم موسى والأنبياء ليسمعوا منهم</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">»،<br>تشير بوضوح إلى أن إبراهيم يعرف كيف يعيش اليهود في ذلك الوقت حتى بعد<br>مماته. إن الرؤيا الروحية لنفوس الأبرار وهم في السماء، لا شكَّ هي أقوى<br>وأوضح مما كانت عليه وهم على الأرض. ويقول القديس بولس الرسول عن هذا: «</span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><font color="#0000ff">فإننا ننظر الآن في مرآة، في لُغز، لكن حينئذ وجهاً لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة، لكن حينئذ سأعرف كما عُرفتُ</font></span><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">» (1كو 13: 12).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><strong><font color="#800080">استدعاء القديسين:</font></strong></span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">والكنيسة المقدسة دائماً ما كانت تُقدِّم التعليم باستدعاء<br>القديسين، وهي مقتنعة تماماً بأنهم يتوسَّلون من أجلنا أمام الله في<br>السماء. وهذا ما نراه ونسمعه في صلوات القداس الإلهي (مجمع القديسين):<br>”لأن هذا، يا رب، هو أمر ابنك الوحيد أن نشترك في تذكار قديسيك...<br>وبالأكثر القديسة المملوءة مجداً العذراء كل حين، والدة الإله القديسة<br>الطاهرة مريم، التي ولدت الله الكلمة بالحقيقة... هؤلاء الذين بسؤالاتهم<br>وطلباتهم ارحمنا كلنا معاً، وانقذنا من أجل اسمك القدوس الذي دُعِيَ<br>علينا“. كما يذكر أيضاً القديس كيرلس الأورشليمي: ”ثم نذكر (في تقدمة<br>الذبيحة غير الدموية) أولئك الذين سبقوا وانتقلوا، وأولاً البطاركة<br>والأنبياء والرسل والشهداء، لكي بصلواتهم وتشفُّعاتهم يقبل الله<br>توسُّلاتنا“ (وهي تُقابل الترحيم الذي يُقال في قدَّاسات الكنيسة القبطية).</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><strong><font color="#800080">شهادات من آباء الكنيسة:</font></strong></span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">وما أكثر شهادات آباء ومُعلِّمي الكنيسة الأبرار، وعلى<br>الأخص أولئك الذين من القرن الرابع وما بعده، عن تكريم الكنيسة للقديسين؛<br>بل وحتى من بداية القرن الثاني، هناك إشارات في الكتابات المسيحية بخصوص<br>الإيمان في صلوات القديسين في السماء من أجل إخوتهم على الأرض. وكمَثَل<br>لذلك: فإن شهود استشهاد القديس إغناطيوس الثيئوفوروس (الحامل الله)، وهو<br>من قدِّيسي بداية القرن الثاني الميلادي، يقولون: ”وإذ رجعنا إلى بيوتنا<br>والدموع في أعيننا، سهرنا الليلة كلها. ثم بعد نومٍ لمدة قصيرة، شاهد<br>البعض منا فجأة المطوَّب إغناطيوس واقفاً وهو يحتضننا، وآخرون أيضاً رأوه<br>يُصلِّي من أجلنا“. وهناك تقارير تشير إلى الصلوات والتشفُّعات من أجلنا<br>التي يرفعها الشهداء القديسون، وهذه نجدها في سِيَر الشهداء في عصر<br>الاضطهاد الروماني ضد المسيحيين.</span><br> <br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;"><strong>+</strong> هكذا نرى شركة الصلاة بين كنيسة المنتصرين في<br>السماء وكنيسة المجاهدين على الأرض، شركة حيَّة متبادلة بين الكنيستين،<br>وحتى مشتركة معاً أثناء الليتورجية المقدسة لرفع القرابين. فالكنيسة شركة<br>بين العالمَيْن العلوي والأرضي في الصلوات من أجل المجاهدين، والتشفُّعات<br>التي يرفعها أمام العرش الإلهي المنتصرون الغالبون.</span><br><span style="font-size: 21px; line-height: normal;">منقول</span>
دموع في عيون الاقباط