العمل السياسى للمراه .... الثمنينات والتسعينيات
[b]بعد حل البرلمان في العام 1975 تحول العمل الحزبي اليساري والبعثي سريا مرة أخرى وعاد عمل النخب النسوية الحزبية للطابع الخيري والحقوقي النسوي.أما في التيار الإسلامي فإن العمل كان علنيا وإصلاحيا لا انقلابيا في الجانب الشيعي، ودينيا مواليا للسلطة في الجانب السني يقوم به العلماء العائدون من الدراسة في الخارج سواء من حوزة النجف (بالنسبة للشيعة) أم من الجامع الأزهر (بالنسبة للسنة)، وفي كل الأحوال لا وجود للنخب النسوية الإسلامية.
فالمرأة مازالت في طور التعليم وقد برزت بدايات العمل النسوي الإسلامي في العام 1977 على يد مجموعة من الفتيات، وكان العمل توعويا إسلاميا وغير منتشر، لكن بمجرد انتصار الثورة الإسلامية في إيران في العام .1979 حدث مد إسلامي رجالي ونسائي في كل الدول الإسلامية وانفجرت الساحة الإسلامية الشيعية في البحرين بالأنشطة والفعاليات الإسلامية من خلال الوسائل والمؤسسات الموروثة كالمآتم ومراسيم العزاء ومن خلال المؤسسات الحديثة مثل: جمعية التوعية الإسلامية، التي كانت موجودة قبلا ولكن تم فتح أبوابها للأنشطة النسوية أيضا، و(المكتبة الإسلامية) الخاصة بالنساء.
وقد برزت تيارات إسلامية شيعية بعضها انقلابي، والآخر إصلاحي وهو الغالب ويمثل التيار العريض. وقد تضاربت مع بعضها هذه التيارات. وكالعادة كانت السلطة هي المستفيدة تساعد على الصراع من جانب وتضرب كل الأطراف من جانب آخر، والعمل في هذه المرحلة كان في الغالب إسلاميا توعويا حقوقيا عموما، لكنه ليس حقوقيا نسويا. وكانت السلطة تضرب بيد من حديد الأنشطة الإسلامية الشيعية، كما لو كانت خلايا إرهاربية، وفي هذه المرحلة تساوت التيارات الإسلامية واليسارية في مستوى البطش السلطوي، وقد شمل الرجال والنساء (لكن بصورة أخف بالنسبة للنساء بسبب تعارض ذلك مع الأعراف الإسلامية).
استمر هذا الحال حتى العام 1986 حيث حدث تطور في نشاط الإسلاميات الشيعيات، أما في الجانب السني فقد بدأ منذ بداية الثمانينات من نشاط إسلامي توعوي مكثف نسائي ورجالي، منطلق من جمعية (الإصلاح) لكنه ليس سياسيا بل مواليا للسلطة، أما في الجانب الحزبي (البعثي) فإنه لم يعد محاربا من السلطة بسبب حدوث الحرب العراقية الإيرانية واصطفاف الدول العربية عموما والخليجية خصوصا لجانب العراق. اليساريات في هذه المرحلة، ركزن أنشطتهن في الجانب الخيري والتوعوي الحقوقي النسوي من خلال الجمعيات، أما الإسلاميات فقد تم غلق كل مؤسساتهن مثل جمعية التوعية التي أغلقت في العام 1984 وحوزة عالي والمكتبة اللتين أغلقتا في العام 1990 ومأتم الديه في نفس العام أيضا.
وبسبب الخوف من الضربة الأمنية أنهت (المكتبة الإسلامية) في المنامة وجودها تقريبا تلقائيا. كان الإسلاميون الشيعة يضربون بيد من حديد لأجل أتفه الأنشطة حتى البعيدة عن السياسة، وكل ذلك كان بسبب خوف السلطة من امتداد المد الثوري الإيراني. نعود للقول وانه في العام 1986 حدثت نقلة في الأنشطة النسوية للإسلاميات بسبب ضرب السلطة للتيارات الشيعية واحدا تلو الآخر وإيداعها لهم في السجون.
فبدأت نساء المعتقلين وأمهاتهم خصوصا، تنتهجن أسلوب العرائض التي كان موضوعها تحسين أوضاع المعتقلين والسماح بزيارتهم، ومن مثل تلك العريضة المرفوعة في العام 1986 لقرينة الأمير الراحل، حيث قامت بذلك نساء تيار (أمل) وقد تحقق الغرض منها فحصلن على زيارات، والعريضة المرفوعة في العام 1993 (بالتعاون بين نساء التيار العريض -الوفاق حاليا- وأمل) المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين تناغما مع التطورات الدولية والمحلية، لكن لم تتم الاستجابة لهن، والاعتصام الذي حدث أمام مبنى الأمم المتحدة في العام نفسه من نفس المجموعة المذكورة، لأجل تحسين أوضاع المعتقلين، والمظاهرة الاحتجاجية التي دعت لها إحدى النساء فحدثت استجابة واسعة لها إثر اعتقال الشيخ عبدالامير الجمري في العام 1988 وعلى إثرها أطلق سراحه، وكذلك مسيرة فجر 1 ابريل/ نيسان 1994 (السبت الأسود) أطلقت شرارتها إحدى النساء مع زوجها، وتوالت مثل هذه التحركات الحقوقية حتى تم تحسين أوضاع المعتقلين.
وقد وتطورت علاقة الإسلاميات مع الجهات الحقوقية والإعلامية العالمية نتيجة لذلك. وحصيلة القول فإن الإسلاميات أقحمن كرد فعل على ضرب السلطة، في العمل السياسي والحقوقي العام لا النسوي الخاص وإن كانت بدايات هذا الأخير قد وجدت منذ نهاية الثمانينات عن طريق طرح قضايا حقوقية نسوية من منظور إسلامي تجديدي من قبل بعض الرموز النسوية في المحاضرات الميدانية.
في العام 1992 حدثت نقلة كبيرة في الساحة عن طريق اشتراك القيادات اليسارية والبعثية مع الإسلامية الشيعية والسنية في رفع عريضة مطلبية حقوقية نخبوية تلتها أخرى شعبية في العام 1994 وصل فيها عدد التوقيعات إلى 25 ألف توقيع وكانت في ازدياد لولا مباغتة السلطة للجماهير بالضرب لوأد مشروع العريضة التي كانت دستورية وتحرج السلطة في ظل الظروف الدولية حينها. وقد اقترحت حينها منيرة فخرو إضافة مطلب حقوق المرأة في العريضة وتم ذلك.
نزلت الشابات الإسلاميات بقوة في الميدان لجمع التوقيعات، واليساريات من النخب دعمن المشروع كل من موقعها، فبعضهن استخدمن علاقاتهن الدولية وبعضهن عملن عريضة نسوية نخبوية فيها المطالب نفسها وصلت فيها التوقيعات لـ 310 تواقيع. وقد تعرضن لما تعرضت له الإسلاميات من فصل من العمل والدراسة والسجن. في ذلك العام حدثت ثورة شعبية نزلت فيها كل الرموز الإسلامية الرجالية والنسائية وحتى الأطفال والعجائز وكبار السن للشوارع فهي بالنسبة لهم ثورة مطلبية مقدسة لأن رجال الدين في صدارتها وفي مقدمتهم الشيخ عبدالأمير الجمري والشيخ علي سلمان ورفاقه من طلبة العلوم الإسلامية (من الجانب الشيعي)، والشيخ عيسى الجودر (من الجانب السني)، وقد غصت السجون بالرجال والنساء والأطفال وحتى العجائز.
بالنسبة لليساريات لم يكن يشتركن في المظاهرات لكنهن اشتركن في الأنشطة الأخرى خصوصا التي تتطلب نخبا. وبسبب تقدم التيار اليساري زمنيا في العمل السياسي فلديهم نخب كثيرة رجالية ونسائية. استمر الحال كذلك حتى حدثت المصالحة الوطنية وتم تدشين المشروع الإصلاحي فحدث الانفراج وهنا ننتقل لمحطة أخرى من العمل السياسي حيث أصبح علنيا لأول مرة لجميع التيارات ومن خلال المؤسسات. وقد لاحظنا أن التيار الإسلامي السني لم يكن له نشاط سياسي فيما عدا بعض الرموز مثل الشيخ عيسى الجودر والذي استمر في نشاطه حتى هذه اللحظة والشيخ عبداللطيف المحمود والذي بدأ بقوة بداية التسعينيات ثم تراجع بعد ذلك وبتراجعه أصبحت الحركة بشقها الإسلامي شيعية فقط ونتيجة لذلك لم يكن هناك نشاط إسلامي نسائي سني قبل المشروع الإصلاحي.